الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٧ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • عفرينيو المهجر يسعون لمُحاسبة أنقرة وميلشياتها.. و"المبادرة الوطنية" إحدى أدواتهم

عفرينيو المهجر يسعون لمُحاسبة أنقرة وميلشياتها.. و
المبادرة الوطنية من أجل عفرين

منذ بدء غزو منطقة عفرين ذات الخصوصية الكردية في شمال غرب سوريا، بتاريخ العشرين من يناير العام 2018، عبر ما سمي يومها بـ"عملية غصن الزيتون"، وحتى يوم إطباق الاحتلال العسكري عليها، في الثامن عشر من مارس من ذات العام، من قبل الجيش التركي والمليشيات السورية التابعة له، والتي تسمي نفسها بـ"الجيش الوطني السوري"، والعفرينيون لا ينفكون وهم يحاولون إسماع صوتهم للعالم، الذي اختار أن يُغلب مصالحه مع أنقرة، على حقوق أهالي عفرين، بل وحيواتهم وأرزاقهم وممتلكاتهم، التي أضحت جميعها مستباحة من ثلة مسلحين ذاع صيتهم بالقتل والتنكيل والارتزاق في ليبيا وأذربيجان ومناطق شمال سوريا، حتى غصّت وسائل الإعلام بتجاوزاتهم وجرائمهم.

ورغم إدراك أهالي عفرين ونشطائها، بأن أرضهم المستباحة، قد جرى التفريط بها بموجب اتفاقية روسية تركية، قامت على مقايضة عفرين، التي كانت عملياً ضمن مناطق النفوذ الروسي (جوياً)، بـ (غوطة دمشق، وريف حمص الشمالي، ومناطق إدلب شرق سكة حديد الحجاز مع مطار أبو الظهور العسكري، ومناطق أخرى) التي كانت خاضعة لنفوذ أنقرة.. إلا أنهم لا يزالون مؤمنين بأن حقهم لا يمكن أن يضيع بالتقادم، رغم مرور أكثر من ثلاث سنوات ونصف على احتلال أرضهم، وعليه يواصلون بناء طاقاتهم واستجماع قواهم، التي انهارت يوماً، لكنها اليوم تعود للتشكل من جديد بصور وأشكال مختلفة.

اقرأ أيضاً: في عفرين.. المليشيات المسلحة وريث غير شرعي لكلّ المتوفين

"المبادرة الوطنية من أجل عفرين"، هي واحدة من تلك الأدوات، الرامية لإعادة عفرين إلى أهلها، حيث تأسّست بتاريخ 22/8/2021 في مدينة بون الألمانية، على يد أبناء عفرين في المهجر، وهي وفق القائمين عليها "مبادرة وطنية وطوعية مفتوحة لكل من يؤمن بأن بلادنا ومدينتنا عفرين تحت احتلال تركي غاصب، ولكل من يؤمن بعودة المهجّرين قسراً إلى منازلهم، على أن تكون هذه العودة آمنة، تصون كرامة العائدين، وأن تكون برعاية المؤسّسات الدوليّة كالأمم المتحدة".

وتتشكل "المبادرة من مجموعة لجان، منها حقوقيّة، إعلامية، ثقافيّة ودبلوماسيّة، حيث تتم ممارسة العمل التنظيمي داخل المبادرة وفق نظام داخلي يحدد آليات العمل، وهذا النظام تم المصادقة عليه في المؤتمر التأسيسي"، وفق ما قاله "هيمن كوردآخي"، المنسق العام لـ"المبادرة الوطنية من أجل عفرين"، في حديث خاص لـ"صحيفة ليفانت اللندنية".

هيمن كوردآخي
هيمن كوردآخي

وأوضح هيمن لليفانت أهداف المبادرة فقال: "مبادرتنا تهدف بالدرجة الأولى إلى العودة الآمنة، والمكفولة للمهجّرين إلى منازلهم، واسترجاع أملاكهم المنهوبة، فماذا تعني العودة وأنت ترى أن الغرباء من المرتزقة وعائلاتهم الذين جلبهم الاحتلال التركي يسكنون بيتك، ويصادرون أملاكك، ويعتدون على أفراد عائلتك، ويفرضون الضرائب والأتاوات على أبناء المنطقة، بغية إجبار الناس على ترك جبل الكورد، بهدف احداث تغيير ديموغرافي بشكل واسع".

اقرأ أيضاً: في عفرين.. مواطنون يدفعون أجار منازل يملكونها لمسلحي أنقرة

مردفاً: "لذلك نرى يومياً توجيه الاتهامات للناس بأشكال وطرق مختلفة، كل ذلك من أجل إنهاء الوجود الكردي هناك، مثلا كما يحصل الآن مع أغلب الذين عادوا إلى بيوتهم وهم مصدّقون النصائح والتوصيات التي كانت غادرة ومصدرها جهات تابعة للائتلاف السوري الإخواني الإرهابي ومقرّه في تركيا".

‎متابعاً: "بدون أدنى شكّ، نطمح كما غيرنا من الوطنيين إلى دحر الاحتلال التركي من مناطقنا من عفرين الى سري كآنيه وكري سبي، وكل المناطق السّورية المحتلة، ولن ينتهي عملنا مع طرد المحتل، بل سنفتح أبواب المحاكم على المرتزقة والمجرمين من قادة فصائل وأفراد أينما وجدوا، والعمل على استرجاع الأثار المنهوبة، وإعادة كل ما دمّره الاحتلال وشوّهه إلى ما كان عليه من تتريك وتغيير ديموغرافي".

‎وحول نجاح جهود العفرينيين في فضح جرائم أنقرة ومسلحيها السوريين، قال هيمن: "في مرحلة العدوان والحرب على عفرين، خرجت واحدة من أكبر المظاهرات في كل تاريخ أوروبا منددة بالحرب في مدينة كولن الألمانية، وكان التظاهر مستمرّاً على مدار شهرين على التوالي في العديد من المدن الأوربية، وبعدها ظهرت العديد من المبادرات والفعاليات التي تندد بإرهاب ووحشيّة الاحتلال التركي ومرتزقته، لكن للأسف غالبيتهم لم يصمدوا؛ أو لم يُكتب لهم الاستمرارية، نتيجة ظروف خاصة بهم لا أعرفها، لكنهم قالوا  كلمتهم المحقّة بوجه المحتل ومضوا، وبالتأكيد نحن في المبادرة نثني و نشكرهم على كل ما قدموه من نشاطات وفعاليات كبيرةً كانت أم صغيرة".

اقرأ أيضاً: عفرين وحرمان سكانها الأصليين من المساعدات والتوظيف.. بحجة المقيم والنازح

وأردف لليفانت: "النقطة الأساسية هنا، أنهم كانوا أصحاب رسالة محقّة، لكن ربما خانتهم الظروف على الاستمرار، ‎أما عن فضح ممارسات أنقرة ومرتزقتها من السوريين ومن الجنسيات الأخرى، فهم أول من فضح أنفسهم أمام الرأي العام، فقد سجّلوا في أول يوم لدخولهم مدينة عفرين، أولى الانتهاكات الخطيرة بحق أنفسهم، من سلب ونهب وتعفيش؛ شملت الجرارات الزراعية والمواشي والمحلات، ولم تسلم صحون المطابخ والملاعق إلى جانب خطف المدنيين وتعذيبهم وقتلهم".

واستكمل: "‎اليوم وبعد مرور سنوات على احتلال عفرين، نرى بعض الأطراف السياسية والقنوات الإعلامية المؤيّدة للاحتلال تحاول تسويق ممارسات المرتزقة على مستوى الانتهاكات اليومية بحق المدنيين العُزّل، ويصفون انتهاكاتهم هذه بأنها أعمال وتصرفات فردية، بينما الحقيقة عكس ذلك، حيث أنها سياسة ممنهجة ومدروسة بحقنا". 

‎وأشار هيمن إلى أن "قضية محاولتهم سلب الوجود والهُويّة الكورديّة من عفرين، ومن باقي المناطق الكوردية المحتلة (شمال سوريا) فهي لا تزال مستمرة، من حيث حرق الغابات، ونبش القبور، وتغيير ملامح المدن الخ، لذلك أحد مهمات المبادرة، هي التعبير عن هويتنا القومية والوطنية من خلال النشاطات والمظاهرات التي نقوم بها".

‎وبخصوص تجاهل المنظمات الدولية والإغاثية لقضية عفرين ومهجريها، أوضح هيمن: "هذا يرجع الى تراجع الاهتمام العالمي بالملف السوري بشكل عام، فهذا التجاهل ليس خاصاً بعفرين وحدها، نحن نعتقد أن أي تغيير جديد على الساحة السورية سيكون له تأثير مباشر على عفرين والشمال السوري كاملاً، وأعتقد أننا مقبلون على متغيّرات ملفتة وأكثر جدية في المرحلة القادمة، وفي أي متغيّر على المشهد السياسي، عفرين ستكون حاضرة كما حضورها الدائم في كل الأوقات".

‎وبصدد خطط المبادرة المرحلية والمستقبلية، قال هيمن: "حالياً نقوم بعقد لقاءات مع كل الأطراف الوطنية الفعالة، ونطرق أبواب السّفارات والمنظمّات المعنيّة لكسب دعم لأهدافنا، والمتمثلة في وقف المستوطنات وتأمين عودة آمنة للمهجرين، وتقديم المجرمين للمحاكمة، ودحر الاحتلال التركي".

اقرأ أيضاً: مليشيات أنقرة تتجاوز النظام بالإجرام.. سجين بعفرين يسرد الوقائع

‎وسرد هيمن نظرة الدول التي ينشطون فيها لنشاطهم، فقال: "كل النشاطات والفعاليات والآليات التنظيمية التي نتّبعها في أوروبا هي سلمية وقانونية، نحترم قوانين البلاد التي ننشط فيها، وبالتالي فمن الطبيعي أن يبادلوننا الاحترام ذاته، ولدينا أصدقاء منهم أفراد وشخصيات؛ ومنظمات أوربية يشاركون معنا في الاحتجاجات والنشاطات والندوات التي نعقدها، هم يعبّرون عن دعمهم ومساندتهم لنا".

ووجه هيمن في الختام، رسالة إلى أهالي عفرين في داخلها والمهجرين عنها، فقال: "هنا دعني أتجرّد من صفتي كمنسّق عام للمبادرة، وبشكل شخصي كأحد أبناء عفرين؛ ولأهلنا المتبقيين فيها، دعني أوصفهم بالأسرى والرهائن لدى المحتل والمرتزقة، كما أودّ أن أقول لهم، بأنكم حُرّاس مستقبلنا، كما هم الآن بمعاناتهم والآمهم حماة ماضينا، بالتأكيد دائماً هناك أمل، وعلينا كقوى عفرينية مجتمعة مهمة، التكاتف والتعاون وطرق كل الأبواب بغية تخفيف معاناة أهالينا، وأعتقد نتائج هذه الجهود التي نقوم بها وغيرنا أيضاً ستأتي مع مرور الوقت".

ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!